صموئيل العشاي يكتب: خالد البلشي نقيب الوحدة الوطنية رغم اختلافي معه

صموئيل العشاي يكتب: خالد البلشي نقيب الوحدة الوطنية رغم اختلافي معه
في المشهد الصحفي، حيث تتباين الرؤى وتتعدد الاتجاهات، يظل مفهوم الوحدة الوطنية هو الأساس الذي تقوم عليه نقابة الصحفيين، باعتبارها البيت الكبير الذي يجمع أبناء المهنة تحت مظلة واحدة، بغض النظر عن توجهاتهم الفكرية أو السياسية. ومن هذا المنطلق، لا يمكن إنكار أن خالد البلشي، رغم الاختلاف معه سياسيًا وعدم تأييدي له في معركة انتخابات النقابة الحالية، استطاع أن يعزز هذا المفهوم داخل النقابة، ليصبح بحق “نقيب الوحدة الوطنية”.
نقابة الصحفيين والاصطفاف الوطني
لا شك أن نقابة الصحفيين المصرية تعد واحدة من أعرق الكيانات المهنية في مصر، بل وفي العالم العربي بأسره، وهي ليست مجرد كيان نقابي يدافع عن حقوق الصحفيين فقط، بل هي في جوهرها جزء أصيل من النسيج الوطني المصري، تعكس بتكوينها وتاريخها وحدة الصف بين أبناء الوطن. وخلال الفترة التي تولى فيها خالد البلشي منصب النقيب، برزت عدة تحديات تتطلب اصطفافًا وطنيًا حقيقيًا داخل النقابة، وكان عليه أن يوازن بين العمل النقابي والمناخ السياسي المعقد، وهو ما نجح فيه بدرجة كبيرة.
أول إفطار رمضاني بعد فوزه.. رسالة للعالم
من المواقف التي لا يمكن إغفالها في مسيرة خالد البلشي داخل النقابة، والتي تعكس توجهه نحو تعزيز الوحدة الوطنية، كان تنظيمه لأول إفطار رمضاني بعد فوزه بمنصب النقيب، حيث حرص على أن يكون هذا الحدث مناسبة جامعة للصحفيين من جميع الاتجاهات والانتماءات، بغض النظر عن آرائهم السياسية أو خلفياتهم الدينية.
لكن اللافت في هذا الإفطار لم يكن مجرد جمع الصحفيين على مائدة واحدة، بل في التفاصيل التي عكست تقديرًا حقيقيًا لقيم التعايش المشترك. فقد حرص البلشي على توفير طعام صيامي للأقباط الذين كانوا صائمين وفقًا للتقويم الكنسي، في لفتة تحمل معاني عميقة تعكس روح الوحدة الوطنية التي لطالما ميزت الشعب المصري. لم يكن هذا مجرد تصرف عابر، بل كان رسالة واضحة مفادها أن نقابة الصحفيين ليست حكرًا على فئة دون أخرى، بل هي كيان يتسع للجميع، وأن الصحفيين المصريين، بمختلف معتقداتهم، هم أبناء وطن واحد تجمعهم المهنة كما يجمعهم الانتماء إلى مصر.
الصحافة.. صوت الوطن
إن الصحافة في جوهرها هي مرآة المجتمع، تعكس تنوعه وتفاعلاته، لكنها في الوقت ذاته تسهم في تشكيل الوعي العام، وتعزيز قيم التعايش المشترك. ومن هنا، فإن نقابة الصحفيين لا يمكن أن تكون مجرد كيان نقابي تقليدي، بل يجب أن تكون نموذجًا للوحدة الوطنية، وهو ما سعى خالد البلشي إلى تحقيقه خلال فترة توليه المنصب، رغم التحديات الكبيرة التي واجهها.
ففي الوقت الذي تشهد فيه بعض المجتمعات تراجعًا في قيم التسامح والتعايش المشترك، جاءت مواقف مثل تنظيم الإفطار الرمضاني الجامع، وتقدير الصائمين من الأقباط، لتؤكد أن مصر ما زالت قوية بوحدتها، وأن نقابة الصحفيين، رغم ما قد تشهده من خلافات سياسية، ستظل نموذجًا للتلاحم الوطني.
الاختلاف في الرأي لا ينفي الإنجاز
رغم أنني لا أؤيد خالد البلشي في معركة انتخابات النقابة الحالية، حيث أرى أن المرشح الحكومي لديه رؤية جديدة قد تسهم في تطوير العمل النقابي، إلا أن ذلك لا يمنعني من الاعتراف بأن البلشي نجح في ترسيخ بعض القيم الإيجابية داخل النقابة، وعلى رأسها فكرة أن الصحفيين المصريين، بمختلف توجهاتهم، يجب أن يكونوا يدًا واحدة عندما يتعلق الأمر بوحدة الوطن والمهنة.
وهنا يجب التأكيد على أن الاختلاف السياسي لا ينبغي أن يكون سببًا لإنكار جهود الآخرين أو التقليل من إنجازاتهم، بل على العكس، فإن أي تجربة نقابية يجب أن يتم تقييمها بموضوعية، والاعتراف بنجاحاتها كما يتم الإشارة إلى تحدياتها.
نقابة لكل الصحفيين
إن مصر، بتاريخها العريق، لم تعرف يومًا التمييز بين أبنائها على أي أساس ديني أو اجتماعي، بل كانت دومًا نموذجًا للتعايش والتآخي، وهو ما يجب أن يظل حاضرًا داخل نقابة الصحفيين، باعتبارها واحدة من أهم المؤسسات الوطنية التي تعكس روح مصر الحقيقية.
ولذلك، فإن التجربة التي قدمها خالد البلشي في تعزيز قيم الوحدة الوطنية داخل النقابة، حتى وإن اختلف معه البعض سياسيًا، يجب أن تكون محل تقدير، لأنها تؤكد أن النقابة يمكنها أن تكون مظلة جامعة للصحفيين بمختلف انتماءاتهم، تمامًا كما أن مصر ستظل دائمًا وطنًا يتسع للجميع.
نقيب الوحدة الوطنية
إن خالد البلشي، رغم كل الاختلافات السياسية، نجح في أن يكون نقيبًا للوحدة الوطنية، حيث حرص على ترسيخ قيم التلاحم داخل نقابة الصحفيين، وجعل منها نموذجًا مصغرًا للوحدة الوطنية التي تميز الشعب المصري. قد نختلف حول التوجهات السياسية، وقد تتباين رؤانا بشأن مستقبل النقابة، لكن الحقيقة الثابتة هي أن أي نقيب للصحفيين يجب أن يعمل على ترسيخ قيم الوحدة والتماسك بين أبناء المهنة، وهو ما تحقق في تجربة البلشي، حتى وإن كانت هناك آراء مختلفة بشأنها.
وفي النهاية، تبقى نقابة الصحفيين كيانًا أكبر من أي فرد، وستظل بيتًا لكل الصحفيين، حيث يجتمعون على مصلحة الوطن والمهنة، بعيدًا عن أي انقسامات أو خلافات، وهو ما يجب أن يكون الهدف الأسمى لأي قيادة نقابية مستقبلية.