مقالات
خَمْسَةٌ وَثَلَاثُونَ عَامًا فِي خِدْمَةِ الوَطَنِ وَنُصْرَةِ الحَقّ

بِقَلَمِ اللِّوَاء الدُّكْتُور/ أَيْمَن جِنْدِيَّة
-لَمْ تَكُنْ خِدْمَتِي فِي جِهَازِ الشُّرْطَةِ وَظِيفَةً أُؤَدِّيهَا، بَلْ رِسَالَةٌ حَمَلْتُهَا عَلَى عَاتِقِي بِضَمِيرٍ حَيٍّ، وَنِيَّةٍ صَادِقَةٍ، وَعَهْدٍ قَطَعْتُهُ عَلَى نَفْسِي: أَنْ أَكُونَ دَائِمًا فِي صَفِّ المَظْلُومِ، وَفِي وَجْهِ الظُّلْمِ، وَمَعَ الحَقِّ حَيْثُمَا كَان.
خِلَالَ خَمْسَةٍ وَثَلَاثِينَ عَامًا، تَنَقَّلْتُ بَيْنَ مَهَامٍّ مَيْدَانِيَّةٍ وَقِيَادِيَّةٍ وَأَمْنِيَّةٍ، وَفِي كُلِّ مَوْقِعٍ حَلَلْتُ فِيهِ، كُنْتُ ثَابِتًا عَلَى الْمَبْدَأِ، لَا أُسَاوِمُ، وَلَا أَتَغَافَلُ، وَلَا أَتَأَخَّرُ عَنْ نُصْرَةِ الحَقِّ.
كُنْتُ ومازلت أُؤْمِنُ أَنَّ العَدْلَ لَا يَتَجَزَّأ، وَأَنَّ الشَّكْوَى الَّتِي يَرَاهَا النَّاسُ “بَسِيطَةٌ” قَدْ تَكُونُ “كُلَّ شَيْءٍ” عِنْدَ صَاحِبِهَا، فَكُلُّ مَظْلَمَةٍ لَهَا وَقْعٌ، وَكُلُّ صَوْتٍ مَكْتُومٍ يَسْتَحِقُّ أَنْ يُسْمَع.
لَمْ أُغْلِقْ بَابًا، وَلَا رَفَضْتُ شَكْوَى، وَلَا تَعَالَيْتُ عَلَى أَحَدٍ.
مَكْتَبِي كَانَ مَفْتُوحًا، وَهَاتِفِي كان ومازال مَعَ النَّاسِ جميعا وَقَلْبِي قَبْلَ كُلِّ شَيْءٍ كَانَ هُوَ مَنْ يُجِيبُ.
وَإِنِّي لَأَفْتَخِرُ أَنَّنِي وَاحِدًا مِنْ أَبْنَاءِ هٰذَا الجِهَازِ العَرِيقِ – الشُّرْطَةِ المِصْرِيَّةِ



الَّذِي حَمَلْنَا فِي سُبِيلِهِ أَعْلَى دَرَجَاتِ الْمَسْؤُولِيَّةِ وَالْتَضْحِيَةِ، وَتَعَلَّمْنَا فِيهِ أَنْ نَضَعَ حُقُوقَ النَّاسِ أَمَامَ أَعْيُنِنَا، وَأَنْ نَجْعَلَ سَاعَاتِ عَمَلِنَا سَاعَاتِ خِدْمَةٍ وَعَطَاءٍ لِلْوَطَنِ وَأَهْلِهِ.
——————

فَسَعَيْتُ – بِتَوْفِيقِ اللهِ – إِلَى تَزْكِيَةِ نَفْسِي بِالعِلْمِ، فَحَصَلْتُ عَلَى مَاجِسْتِيرٍ فِي القَانُونِ وحضلت على درجه الامتياز ، ثُمَّ دُكْتُورَاه فِي القَانُونِ الدُّوَلِيِّ، وحصلت على درجه ( امتياز مع مرتبة الشرف الأولى ) ولأننى كُنْتُ أُؤْمِنُ أَنَّ كُلَّ مَن يَتَصَدَّى لِلمَسْؤُولِيَّةِ عَلَيْهِ أَنْ يُطَوِّرَ نَفْسَهُ وَيَرْقَى بِفِكْرِهِ.



وَعَدَدٌ كَبِيرٌ مِنَ الشَّهَادَاتِ الَّتِي أَحْمِلُهَا فِي قَلْبِي قَبْلَ أَنْ تَكُونَ عَلَى جُدْرَانِ المَكْتَبِ.

وَاللهُ أَكْرَمَنِي، وَمَحَبَّتُكُمْ كَانَتْ رَصِيدِي، وَمَا كَانَ لِيَنْجَحَ جُهْدٌ دُونَ دَعْمِكُمْ، وَثِقَتِكُمْ، وَمَكَانَتُكُمْ الَّتِي أَحْمِلُهَا فِي قَلْبِي قَبْلَ أَنْ تَكُونَ فِي مَنْصِبٍ أَوْ مَقَامٍ



فَأَنَا لَا أَطْلُبُ مِنْ أَحَدٍ مَجَامَلَةً، وَلَا أَبْحَثُ عَنْ صَوْتٍ لِذَاتِهِ،
وَلٰكِنِّي أَدْعُوكُمْ – وَأَنَا أَوَّلُكُمْ – أَنْ نَفْكِّرَ جَيِّدًا فى من سوف يكون جدير بتلك الأمانه:











فَسَتَجِدُونِي – كَمَا عَهِدْتُمُونِي – قَرِيبًا مِنْكُمْ،
حَاضِرًا لَكُمْ، سَاعِيًا لِكُلِّ مَطْلَبٍ، وَجَادًّا فِي كُلِّ خَطْوَةٍ،
أَعْمَلُ بِقَلْبِ مَنْ يَعْرِفُ قِيمَةَ الخِدْمَةِ،
وَبِعَزِيمَةِ مَنْ يَرَى أَنَّ مَصْلَحَةَ النَّاسِ هِيَ أَعْظَمُ الشُّرُفِ

حَفِظَ اللهُ مِصْرَ، وَرَعَى قِيَادَتَهَا الرَّشِيدَةَ، وَأَمْنَهَاوَأَمَانَهَا، وَوَفَّقَنَا جَمِيعًا لِمَا فِيهِ خَيْرُ البِلَادِ وَالعِبَادِ
