محمود ريان يكتب : أمس راقبت ذبابة سقطت في خيوط عنكبوت
أمس راقبت ذبابة سقطت في خيوط عنكبوت …
في البداية، كانت تتصرف بخيلاء وثقة، معتقدة أنها حرة وأن بوسعها التملّص بقليل من الجهد الصادق. ذبابة قوية مثلها لن تُعيقها خيوط حريرية لا يمكن كتابة سمكها على الورق!
لكن مع مرور الوقت، بدأت تقلق… ثم تتوتر عندما أدركت أن كل حركة جديدة تزيد من تقييدها. ربع ساعة مرّت وهي تزداد تورطًا، وفي النهاية عرفت أن عليها أن تصاب بالذعر. بدأت ترفرف بجناحيها بقوة، وتطن بصوت عالٍ، معتقدة أن هذه الهستيريا قد تُنقذها.
لكن لا جدوى… لا جدوى.
طنينها كان له نتيجة واحدة: الذبذبات وصلت إلى العنكبوت. جاء من مكان ما، ووقف على طرف النسيج، يختبره بقدمه… تأكد من أنه متين، ثم اتجه نحو الذبابة، كأنه كابوس يمشي على ثمانِ أقدام.
لهذا يخاف الناس من العناكب!
بحركات رشيقة ومدروسة، بدأ يدور حولها، يُحكم الكفن الحريري دورةً بعد دورة. ثلاث دورات، والذبابة لم تعد مرئية تقريبًا… في النهاية، دنا منها ليحقنها بالسم. سرعان ما همدت، وبدأت عملية الامتصاص.
غدًا ستهب الرياح وتهدم جزءًا من النسيج، ولو فتحت هذا الكفن، لوجدت هيكل ذبابة، بعد أن امتص منها العنكبوت عصارة الحياة. هيكلًا هشًّا يتهشم إذا نفخت فيه…
الذبابة المغرورة، التي حسبت أنها تملك إرادتها، لكن غرورها كان مفيدًا للعنكبوت.
فهي في النهاية جنّت، واعتقدت أنها حرّة…
راقت لى فانتقتها لكم
– من كتاب: “أسطورة معرض الرعب” للأديب احمد خالد توفيق