مقالات
قضاء حوائج الناس

ا.د محمد مدبولى حبيب
وكيل كليه اللغات والترجمه جامعه الازهر
![]()
إن من أسمى ما يتقرّب به العبد إلى الله؛ خدمة الناس والسعي في مصالحهم، ومدّ يد العون للمحتاج، وهي متعة روحية لا يعرفها إلا من ذاقها، وسعادة قلبية لا يدركها إلا من جرّبها.
لقد ربط الإسلام بين الإيمان والعمل، فجعل قضاء حوائج الناس من أعظم القربات، بل هو أحب إلى الله من كثير من العبادات، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: “ولأن أمشي مع أخي في حاجة أحب إلي من أن أعتكف في هذا المسجد شهرًا”..
فالمتعة الحقيقية لا تكون في الأخذ، بل في العطاء.. يظن البعض أن المتعة في نيل المطالب، وجمع المال، وتحقيق المكاسب، لكن أهل البذل والخير يعلمون أن أعظم المتع في الحياة أن تكون سببًا في فرح الآخرين، وسندًا لمن لا سند له، وأن ترى ثمرة جهدك في دمعة امتنان، أو ابتسامة رضا.
قال الحسن البصري: “تفقدوا إخوانكم بعد ثلاث، فإن كانوا مرضى فعودوهم [أي:زوروهم]، وإن كانوا مشغولين فأعينوهم، وإن كانوا قد نسوا فذكروهم، فإنهم اليوم كثير، وغدًا لا يُدرى من الباقي فيهم”.
وثمرة هذه المتعة في الدنيا والآخرة؛ فالذي يسعى في حوائج الناس، تُفتح له أبواب من البركة لا تُفتح لغيره، ويرزقه الله راحة في القلب، وسعة في الرزق، ومحبة في قلوب الناس، وذكرًا طيبًا لا يُشترى بالمال.
وقد قال صلى الله عليه وسلم: “من نفَّس عن مؤمن كربةً من كرب الدنيا، نفَّس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة”..
وأخيراً ؛ إن المتعة الحقيقية لا تُنال بالأنانية، بل بالعطاء، ولا تُدرك بالعزلة، بل بالمشاركة. فاسعَ في قضاء الحوائج، وأصلح ما استطعت، وكن مفتاح خير، تسعد في دنياك، وتُرفع في آخرتك، وتذكر دائماً الحديث الشريف “خير الناس أنفعهم للناس”..