مقالات

أم منتصر.. الوفاء الكبير بقلم د. ناجح إبراهيم

د. ناجح إبراهيم

أم منتصر.. الوفاء الكبير

• يطلق عليها المرأة الحديدية والرحيمة فى نفس الوقت، صاحبة رأى وحكمة وعزيمة، عزماتها من حديد ولا تضعف أبدا رغم رقتها.

• مات زوجها صغيرا وترك لها ثمانية أولاد، ستة من الذكور وبنتين، فكانت لهم نعم الأب والأم، لم تضعف ولم تحوجهم لأحد، أو يمدوا يدهم لأحد مالاً أو مساعدة، وكما يقول ابنها الأقرب إليها الشيخ علاء الشنتلى «لم تحوجنا لعم ولا خال».

• كانت تفخر وتعتز بزوجها حيا وميتا، وتوقره حيا وميتا، بعد أن زوجت ابنها علاء ذهبت فى صباح اليوم التالى لزيارة قبر زوجها فلامها ابنها: يا أمى تذهبين للقبور عقب هذه الليلة السعيدة، فترد عليه بحكمة لم تسبق إليها: أريد أن أبلغ أباك ليفرح بزواجك، لأنه مات شابا لم يشهد زواج أحد منكم، منطق جديد تفتق عنه عقلها الذى كان معروفا بالذكاء الشديد وكانت تردد «أريد أن اطمئنه على الأمانة التى تركها لى».

• جعل ابنها علاء خمس نخلات صدقة جارية لأمه ومثلها لأبيه فقالت له: اجعلهم عشرة لأبيك، والحقيقة أننى لم أر زوجة توقر زوجها وتقدره بعد موته مثل هذه السيدة.

• كان علاء ابنها يقول لها: أنت بذلت وتعبت معنا أكثر من أبى بكثير وتحملت كل الأعباء التى مات أبى ولم يشهدها، فتقول: لا، الزوجة الأصيلة هى التى تعرف أولادها عطاء وبذل وقدر أبيهم، والتى لا خير لها فى زوجها لا خير فيها أصلا.

• عندما توفى زوجها كان ذلك فى الخامسة فجرا وكانت هناك امتحانات صباحا لبعض أولادها، فلم تعرفهم شيئا وكتمت الخبر عن الجميع حتى خرجوا لامتحاناتهم، وقامت هى بتجهيز زوجها لأنه كان مصابا بالسرطان ونزف من فمه كثيرا عند الوفاة فلم ترغب أن يراه أحد بهذه الصورة، وحتى لا تظهر صورة الدماء أمام أحد من أقاربه، فلما حضر أهله كان فى قمة الأناقة والنظافة.

• رغم قوة شخصيتها كانت متسامحة لأبعد الحدود، كان البعض من أسرتها فى فترة من الزمان يؤذيها جدا، فلا ترد عليهم بمثلها بل بالإحسان والفضل قائلة: أنا أعامل ربنا فيهم.

• إذا أخطأ أو قصر أحد أولادها كانت لها طريقة مبتكرة جدا فى إصلاحه فتقول له: هل تريد أن ينسب هذا الخطأ لوالدكم وهو فى قبره ويُقال: لم يحسن تربيتهم .

• كان يعيش معها فى المنزل اثنان من أبناء شقيق زوجها واثنان من أبناء شقيقة زوجها فلم تضجر منهم وأحسنت وفادتهم إكراما لزوجها وكانت تردد أهم شىء زوجى يستر مع أسرته وأهله ويكون كريما بينهم.

• ظلت بعد وفاة زوجها تخرج الكثير من الصدقات من معاشه الكبير لتنتج مفهوما رائعا جديدا «هو أحق أن ينتفع بماله فى قبره» وتردد «والدكم مات شابا ولعل الصدقة توسع فى قبره»، كانت غاية فى الذكاء الاجتماعى وفهم الحياة مع قوة الشخصية.

• كانت بارة بأمها وأصرت على أخذها من عند شقيقها وظلت ترعاها وتكرمها لعدة سنوات حتى ماتت.

• كانت تحث أولادها على تزويج البنات وتقول «تزويج البنات أمانة وعليكم أداء هذه الأمانة بدقة» ومن كلماتها الأثيرة «ستر الولايا واجب» أى البنات.

• وكانت أغلب بنات جيرانها الفقيرات يتم زفافهن من بيتها لسعته.

• كانت تقول لكل زوجة تغضب زوجها أو تسىء إليه «هذا عقوق يشبه عقوق الوالدين».

• أم منتصر لها منة وفضل علىَّ شخصيا إذ كانت أحد الأسباب المهمة فى زواجى من زوجتى الفاضلة، وكان اختيارها صائبا فقد كانت سببا فى إهدائى زوجة طيبة وراقية وصالحة وعابدة، وكانت سببا كذلك فى زواج المرحوم د/ عصام دربالة من شقيقة زوجتى الصغرى، وتزوجنا معا فى يوم واحد.

• شهد جنازتها الآلاف لأنها سيدة قوية اجتماعيا ومتحدثة وقوية المنطق والحجة وكريمة النفس واليد، صلى عليها د/ عبد الآخر حماد أحد الرموز الأخلاقية والعلمية الجميلة بالصعيد، تعرضت لابتلاءات كثيرة وصعبة، وقفت خلف أولادها بكل قوة وصلابة وصبر.

• رحم الله هذا الجيل القوى من أمهاتنا والذى تحمل ما لا تتحمله الجبال وخالص العزاء لرجل الصلح والإصلاح الأستاذ/ علاء عبدالحميد الشنتلى، ود/ منتصر عبدالحميد الشنتلى و المستشار خالد عبدالحميد الشنتلى وجميع الأسرة، رحمها الله رحمة واسعة وسائر أمهاتنا وآبائنا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى